بالعنم، والعنم نبت أغصانه غضة دقاق شبه الأصابع، وقيل: إن العنم واحدته عنمة؛ وهى العظاية الصغيرة

البيضاء؛ وهى أشبه شيء بالأصابع البيضاء الغضة؛ وهذا حكاه صاحب/ كتاب العين.

وقيل: إن العنم نبت له نور أحمر تشبّه به الأصابع المخضوبة، فوجه حسن قوله: «التوديع والعنم» أنّ التوديع كان بالإصبع التى تشبه العنم، فجمع بينهما بذلك؛ ولا حاجة به إلى ذكر الأنامل المخضّبة على ما ظنّ أبو العباس؛ بل ذكر المشبّه به أحسن وأفصح من أن يقول التوديع والأنامل التى تشبه العنم.

فأما قوله: إن التوديع لا يستقبح؛ وإنما يستقبح عاقبته فخطأ؛ ومطالبة الشاعر بما لا يطالب بمثله الشعراء؛ لأن التوديع إذا كان منذرا بالفراق وبعد الدار وغيبة المحبوب لا محالة إنه مكروه مستقبح.

وقوله: مستقبح عاقبته صحيح، إلا أن ما يعقبه ويثمره لما كان عند حضوره متيقنا مذكورا عاد الإكراه والاستقباح إليه. ونحن نعلم أن الناس يتكرهون ويستقبحون تناول الأشياء الملذة من الأغذية وغيرها إذا علموا ما فى عواقبها من المكروه؛ فإن من تقدّم إليه طعام مسموم وأعلم بذلك يتكرّهه ويستقبح تناوله لما يتوقعه من سوء عاقبته؛ وإن كان ملذا فى الحال؛ ولم نزل الشعراء تذكر كراهتها للوداع وهربها منه. لما يتصور فيه من [ألم الفرقة، وغصص الوحشة] (?). وهذا معروف مشهور، وقد قال فيه أبو تمام:

أآلفة النحيب كم افتراق … أظلّ فكان داعية اجتماع (?)

وليست فرحة الأوبات إلّا … لموقوف على ترح الوداع

فجعل للوداع ترحا يقابل فرح الإياب، وهذا صحيح.

فأما قول جرير:

أتنسى إذ تودّعنا سليمى … بفرع بشامة سقى البشام (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015