ويجوز أن يكون المعنى فى قوله: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ خلق كلّ واحد منكم من نفس واحدة؛ وهذا يجيء كثيرا فى القرآن وفى كلام العرب؛ قال الله تعالى:

وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً؛ [النور: 4] أى فاجلدوا كل واحد ثمانين جلدة.

وقال عز وجل: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها؛ [الروم: 21] فلكل نفس زوج منها أى من جنسها.

فَلَمَّا تَغَشَّاها، أى تغشّى كلّ نفس زوجها. حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً وهو ماء الفحل.

فَمَرَّتْ بِهِ أى مارت، والمور: التردّد. والمراد تردّد هذا الماء فى رحم هذه الحامل. فَلَمَّا أَثْقَلَتْ أى ثقل حملها؛ أى بمصير ذلك الماء لحما ودما وعظما. دَعَوَا اللَّهَ أى الرجل والمرأة لمّا استبان حمل المرأة فقالا: لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً أى أعطاهما ما سألا من الولد الصالح نسبا ذلك إلى شركاء معه، فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

وقال قوم: معنى جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ أى طلبا من الله أمثالا للولد الصالح فشركا بين الطّلبتين وتكون الهاء فى قوله: لَهُ راجعة إلى الصالح لا إلى الله تعالى. ويجرى مجرى قول القائل: طلبت منى درهما فلما أعطيتك أشركته بآخر؛ أى طلبت آخر مضافا إليه.

وعلى هذا الوجه لا يمتنع أن يكونا قوله: جَعَلا والخطاب كله متوجها إلى آدم وحواء عليهما السلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015