مجلس آخر 73
إن سأل سائل عن قوله تعالى: قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ. وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ؛ [الصافات: 95، 96].
فقال: أليس ظاهر هذا القول يقتضي أنه خالق لأعمال العباد، لأن ما هاهنا بمعنى «الّذي»؛ فكأنه قال: خلقكم وخلق أعمالكم.
الجواب، قلنا: قد حمل أهل الحق هذه الآية على أنّ المراد بقوله: وَما تَعْمَلُونَ أى وما تعملون فيه من الحجارة والخشب وغيرهما؛ مما كانوا يتخذونه أصناما/ ويعبدونها.
قالوا: وغير منكر أن يريد بقوله: وَما تَعْمَلُونَ ذلك؛ كما أنه قد أراد ما ذكرناه بقوله:
أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ لأنه لم يرد أنكم تعبدون نحتكم الّذي هو فعل لكم؛ بل أراد ما تفعلون فيه النّحت؛ وكما قال تعالى فى عصا موسى عليه السلام: تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ [الأعراف: 117] وتَلْقَفْ ما صَنَعُوا؛ [طه: 69]؛ وإنما أراد تعالى أنّ العصا تلقف الحبال التى أظهروا سحرهم فيها، وهى التى حلتها صنعتهم وإفكهم؛ فقال: ما صَنَعُوا وما يَأْفِكُونَ وأراد ما صنعوا فيه، وما يأفكون فيه؛ ومثله قوله تعالى: يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ، [سبأ: 13]؛ وإنما أراد المعمول فيه دون العمل؛ [وهذا الاستعمال أيضا سائغ] (?) شائع؛ لأنهم يقولون: هذا الباب عمل النّجار. وفى الخلخال: هذا من عمل الصائغ؛ وإن كانت الأجسام التى أشير إليها ليست أعمالا؛ وإنما عملوا فيها؛ فحسن إجراء هذه العبارة.
فإن قيل: كلّ الّذي ذكرتموه وإن استعمل فعلى وجه المجاز والاتساع؛ لأن العمل فى