واحد متّصل بعضه ببعض، والخطاب منتقل من واحد إلى غيره؛ ويقول الهذلىّ (?):

يا لهف نفسى كان جدّة خالد … وبياض وجهك للتّراب الأعفر

ولم يقل: وبياض وجهه.

وقال كثيّر:

أسيء بنا، أو أحسنى لا ملومة … لدينا، ولا مقليّة إن تقلت (?)

فخاطب ثمّ ترك الخطاب. وقال آخر:

فدى لك يا فتى وجميع أهلى … وما لى إنّه منه أتانى (?)

ولم يقل: منك أتانى.

ووجدت أبا مسلم محمد بن بحر يحمل هذه الآية على أنّ الخطاب فى جميعها غير متعلّق بحواء وآدم، ويجعل الهاء فى تَغَشَّاها، والكناية فى دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما وآتاهُما صالِحاً راجعتين إلى من أشرك؛ ولم يتعلق بآدم وحواء من الخطاب إلا قوله: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ؛ لأن الإشارة فى قوله: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ إلى الخلق عامة، وكذلك قوله تعالى: وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها، ثم خص منها بعضهم كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ، فخاطب الجماعة بالتسيير فى البر والبحر، ثم خص راكب البحر بقوله تعالى: وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ؛ [يونس: 22] كذلك الآية أخبرت عن جملة البشر؛ وأنهم مخلوقون من نفس واحدة وزوجها، وهما آدم وحواء عليهما السلام ثمّ عاد الذكر إلى الّذي سأل الله تعالى ما سأل؛ فلما أعطاه إياه ادعى الشّركاء فى عطيته.

قال: وجائز أن يكون عنى بقوله: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ المشركين؛ خصوصا إذ كان كلّ بنى آدم مخلوقا

من نفس واحدة وزوجها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015