فلو أنّها نبل إذا لاتقيتها … ولكنّنى أرمى بغير سهام
إذا ما رآنى النّاس قالوا ألم تكن … جليدا حديد الطّرف غير كهام
وأفنى وما أفنى من الدّهر ليلة … ولم يغن ما أفنيت سلك نظام (?)
وأهلكنى تأميل يوم وليلة … وتأميل عام بعد ذاك وعام
وقال الأصمعىّ: ذمّ أعرابىّ رجلا فقال: هو أكثر ذنوبا من الدهر؛ وأنشد الفراء (?):
حنتنى حانيات الدّهر حتّى … كأنّى خاتل أدنو لصيد (?)
قصير الخطو يحسب من رآنى … ولست مقيّدا أنّى بقيد
وقال كثيّر (?):
وكنت كذى رجلين رجل صحيحة … ورجل (?) رمى فيها الزّمان فشلّت
وقال آخر (?):
فاستأثر الدّهر الغداة بهم … والدّهر يرمينى وما أرمى
يا دهر قد أكثرت فجعتنا … بسراتنا (?) ووقرت فى العظم
أما قوله: وقرت فى العظم، أراد به: اتّخذت فيه وقرا، أو وقيرة، والوقر هو الحفيرة/ العظيمة تكون فى الصّفا يستنقع فيها ماء المطر، والوقب أيضا كذلك، والوقيرة أيضا الحفيرة إلا أنّها دون الأوليين فى الكبر.
وكل هؤلاء الذين روينا أشعارهم نسبوا أفعال الله التى لا يشاركه فيها غيره إلى الدهر، فحسن وجه التأويل الّذي ذكرناه.