فى شيء من الشعر أبدا، فأقلنى هذه المرة، قال: من يكفل بك؟ قلت: أمير المؤمنين، فقال عبد الملك: هو عليّ ألّا يعرض لك أبدا.
ثم قال: يا شعبىّ، أىّ شعراء الجاهلية كان أشعر من النساء؟ قلت: خنساء، قال:
ولم فضّلتها على غيرها؟ قلت: لقولها:
وقائلة- والنّعش قد فات خطوها (?) … لتدركه-: يا لهف نفسى على صخر!
ألا ثكلت أمّ الّذين غدوا به … إلى القبر! ماذا يحملون إلى القبر!
فقال عبد الملك: أشعر منها والله ليلى الأخيلية حيث تقول:
مهفهف الكشح والسّربال منخرق … عنه القميص لسير اللّيل محتقر
لا يأمن النّاس ممساه ومصبحه … فى كلّ فجّ، وإن لم يغز ينتظر (?)
ثم قال: يا شعبىّ، لعله شقّ عليك ما سمعته؟ فقلت: إي والله يا أمير المؤمنين أشدّ المشقّة! إنى لمحدّثك منذ شهرين لم أفدك إلا أبيات النابغة فى الغلام، ثم قال: يا شعبىّ، إنما أعلمناك هذا، لأنّه بلغنى أنّ أهل العراق يتطاولون على أهل الشام ويقولون: إن كانوا غلبونا على الدولة، فلن يغلبونا على العلم والرواية، وأهل الشام أعلم بعلم أهل العراق من أهل العراق؛ ثم ردّد عليّ أبيات ليلى حتى حفظتها، وأذن لى فانصرفت، فكنت أول داخل/ وآخر خارج.
*** قال سيدنا أدام الله تمكينه: والصحيح فى الرواية أن البيتين اللذين رواهما عبد الملك ونسبهما إلى ليلى الأخيلية لأعشى باهلة (?)، يرثى المنتشر بن وهب الباهلىّ (?)، وهذه القصيدة