ثم أقبل عبد الملك على الأخطل فقال: أتحبّ أنّ لك قياضا بشعرك شعر أحد من العرب، أم تحب أنك قلته؟ فقال: لا والله؛ إلّا أنى وددت أنى كنت قلت أبياتا قالها رجل منّا، كان والله مغدف القناع (?)، قليل السّماع، قصير الذراع، قال: وما قال؟ فأنشده:
إنّا محيّوك فاسلم أيّها الطّلل … وإن بليت، وإن طالت بك الطّيل (?)
ليس الجديد به تبقى بشاشته … إلّا قليلا، ولا ذو خلّة يصل (?)
والعيش لا عيش إلّا ما تقرّبه … عين، ولا حال إلّا سوف تنتقل
إن ترجعى من أبى عثمان منجحة … فقد يهون على المستنجح العمل (?)
/ والنّاس من يلق خيرا قائلون له … ما يشتهى، ولأمّ المخطئ الهبل
قد يدرك المتأنّى بعض حاجته … وقد يكون مع المستعجل الزّلل
قال الشعبىّ: فقلت: قد قال القطامىّ أفضل من هذا، قال: وما قال؟ قلت: قال (?):
طرقت جنوب رحالنا من مطرق … ما كنت أحسبه قريب المعنق (?)
حتى أتيت إلى آخر القصيدة، فقال عبد الملك: ثكلت القطامىّ أمّه! هذا والله الشعر.
قال: فالتفت إلى الأخطل فقال: يا شعبىّ، إنّ لك فنونا فى الأحاديث، وإنّ لنا فنّا واحدا، فإن رأيت ألّا تحملنى على أكتاف قومك، فأدعهم حرضا! قلت: لا أعرض لك