ولم يبق لى من لذة الدنيا إلّا مناقلة الإخوان الأحاديث، وقبلك عامر الشعبىّ، فابعث به إلى يحدثنى.

فدعا الحجاج بالشعبىّ، وجهزه وبعث به إليه، وقرّظه وأطراه فى كتابه، فخرج الشعبىّ حتى إذا كان بباب عبد الملك، قال للحاجب: استأذن لى، قال: من أنت؟ قال: عامر الشعبىّ؛ قال: حيّاك الله، ثم نهض فأجلسه على كرسيه،

فلم يلبث أن خرج الحاجب إليه فقال: ادخل، فدخل، قال: فدخلت فإذا عبد الملك جالس على كرسىّ، وبين يديه رجل أبيض الرأس واللحية، على كرسىّ، فسلمت فرد السلام، ثم أومأ إلى بقضيبه، فقعدت عن يساره، ثم أقبل على الّذي بين يديه فقال: ويحك! من أشعر الناس؟ قال: أنا يا أمير المؤمنين، قال الشعبىّ: فأظلم عليّ ما بينى وبين عبد الملك، ولم أصبر أن قلت: ومن هذا يا أمير المؤمنين الّذي يزعم أنه أشعر الناس! فعجب عبد الملك من عجلتى قبل أن يسألنى عن حالى، ثم قال: هذا الأخطل، قلت: يا أخطل، أشعر منك الّذي يقول:

هذا غلام حسن وجهه … مستقبل الخير سريع التّمام (?)

للحارث الأكبر والحارث ال … أصغر والحارث خير الأنام (?)

خمسة آباء هم ما هم … هم خير من يشرب صوب الغمام

فقال عبد الملك: ردّها عليّ، فرددتها حتى حفظها، فقال الأخطل: من هذا يا أمير المؤمنين؟

فقال: هذا الشعبىّ، قال: صدق والله، النابغة أشعر منى.

قال الشعبىّ: ثم أقبل عليّ عبد الملك فقال. كيف أنت يا شعبىّ؟ قلت: بخير لا زلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015