إضافة الإخراج إليه تعالى لكون ما عددناه من جهته. وعلى هذا يصحّ من أحدنا إذا أشار على غيره بدخول بلد من البلدان ورغّبه فى ذلك، وعرّفه ما فيه من الصلاح، أو بمجانبة فعل من الأفعال أن يقول: أنا أدخلت فلانا البلد الفلانىّ؛ وأنا أخرجته من كذا وكذا وأنتشته منه؛ ويكون وجه الإضافة ما ذكرناه من الترغيب، وتقوية الدواعى.
ألا ترى أنه تعالى قد أضاف إخراجهم من النور إلى الظلمات، إلى الطواغيت، وإن لم يدلّ ذلك على أن الطاغوت هو الفاعل للكفر فى الكفار؛ بل وجه الإضافة ما تقدم؛ لأن الشياطين يغوون ويدعون إلى الكفر، ويزيّنون فعله، فتصح إضافته إليهم من هذا الوجه، والطاغوت هو الشيطان وحزبه، وكلّ عدو لله تعالى صدّ عن طاعته، وأغرى (?) بمعصيته يصحّ إجراء هذه التّسمية عليه؛ فكيف اقتضت الإضافة الأولى أن الإيمان من فعل الله تعالى فى المؤمن، ولم تقتض الإضافة الثانية أنّ الكفر من فعل الشياطين فى الكفار؛ لولا بله المخالفين وغفلتهم!
وبعد، فلو كان الأمر على ما ظنوه لما صار الله تعالى وليّا للمؤمنين، وناصرا لهم على ما اقتضته الآية، والإيمان من فعله تعالى لا من فعلهم؛ ولم كان خاذلا للكفار ومضيفا لولايتهم إلى الطاغوت والكفر من فعله تعالى فيهم؟ ولم فصل بين الكافر والمؤمن فى باب الولاية، وهو المتولى لفعل الأمرين فيهما؟ ومثل هذا لا يذهب على أحد، ولا يعرض عنه إلّا معاند مغالط لنفسه.
***/ أخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال: قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنبارىّ حدثنا أحمد بن حيان قال حدثنا أبو عبد الله بن النطاح قال أخبرنا أبو عبيدة قال، قال عبد الملك بن مسلم:
كتب (?) عبد الملك بن مروان إلى الحجاج: إنه ليس شيء من لذة الدنيا إلا وقد أصبت منه،