[47] مجلس آخر [المجلس السابع والأربعون: ]
إن سأل سائل عن قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ؛ [النحل: 10].
فقال: إذا كان الشجر ليس ببعض للماء كما كان الشراب بعضا له؛ فكيف جاز أن يقول:
وَمِنْهُ شَجَرٌ بعد قوله: مِنْهُ شَرابٌ؟ وما معنى تُسِيمُونَ؟ وهل الفائدة فى هذه اللفظة هى الفائدة فى قوله: وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ؛ [آل عمران: 14]، وقوله: وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ [هود: 82، 83]؟ .
الجواب، قلنا فى قوله تعالى: وَمِنْهُ شَجَرٌ وجهان:
أحدهما أن يكون المراد منه سقى شجر، وشرب شجر؛ فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه؛ وذلك كثير
فى لغة العرب، ومثله قوله تعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [البقرة: 93]، أى حبّ العجل.
والوجه الآخر أن يكون المراد: ومن جهة الماء شجر، ومن سقيه وإنباته شجر؛ فخذف الأول وخلفه الثانى؛ كما قال عوف بن الخرع:
أمن آل ليلى عرفت الدّيارا … بجنب الشّقيق خلاء قفارا (?)
أراد: من ناحية آل ليلى.