لا أدخل البيت أحبو من مؤخّره … ولا أكسّر فى ابن العمّ أظفارى
فقوله:
* لا أدخل البيت أحبو من مؤخّره*
يحتمل أن يريد به: إننى لا آتى الأمور من غير وجهها، على أحد الأجوبة فى الآية، ويحتمل أيضا أنى لا أطلب الخير إلا من أهله على جواب أبى عبيدة، ويحتمل وجها آخر (?)؛ وهو أن يريد أننى لا أقصد البيت للرّيبة والفساد، لأنّ من شأن من يسعى إلى إفساد الحرم، ويقصد البيوت للريبة أن يعدل عن أبوابها طلبا لإخفاء أمره، فكأنه نفى عن نفسه بهذا القول القبيح، وتنزّه عنه؛ كما تنزه بقوله:
* ولا أكسّر فى ابن العمّ أظفارى*
عن مثله، وأراد أنه لا يندى (?) ابن العمّ منى السوء، ولا يتألم بشيء من جهتى، فأكون كأننى قد جرحته بأظفارى، وكسرتها فى لحمه؛ وهذه كنايات بليغة مشهورة للعرب.
ويجرى مجرى هذه الأبيات ويقاربها فى المعنى وحسن الكناية قول هلال بن خثعم:
وإنى لعفّ عن زيارة جارتى … وإنى لمشنوء إلى اغتيابها
إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها … زءورا ولم تنبح عليّ كلابها (?)
وما أنا بالدّارى أحاديث بيتها … ولا عالم من أىّ حوك ثيابها
وإنّ قراب البطن يكفيك ملؤه … ويكفيك عورات الأمور اجتنابها (?)