قال سيدنا أدام الله علوّه: وقد جمعت هذه الأبيات فقرا عجيبة، وكنايات بليغة، لأنه نفى عن نفسه زيارة جارته عند غيبة بعلها، وخصّ حال الغيبة لأنها أدنى إلى الرّيبة وأخصّ بالتهمة فقال/: «ولم تنبح عليّ كلابها»، أراد: إنى لا أطرقها ليلا مستخفيا متنكّرا فتنكرنى كلابها، وتنبحنى، وهذه الكناية تجرى مجرى قول الشاعر المتقدم:
* لا أدخل البيت أحبو من مؤخّره*
وقد روى: «ولم تأنس إلى كلابها» وهذا معنى آخر، كأنه أراد أنه ليس يكثر الطروق لها والغشيان لمنزلها، فتأنس به كلابها لأن الأنس لا يكون إلّا مع المواصلة والمواترة.
وقوله:
* وما أنا بالدّارى أحاديث بيتها*
أراد به أيضا التأكيد فى نفى زيارتها وطروقها عن نفسه؛ لأنه إذا أدمن الزيارة عرف أحاديث بيتها، فإذا لم يزرها وصارمها لم يعرف، ويحتمل أن يريد: إننى لا أسأل عن أحوالها وأحاديثها كما يفعل أهل الفضول؛ فنزّه نفسه عن ذلك.
وقوله:
* ولا عالم من أىّ حوك ثيابها*
كناية مليحة عن أنّه لا يجتمع معها، ولا يقرب منها؛ فيعرف صفة ثيابها.
وبالإسناد المتقدّم لحارثة بن بدر الغدانىّ (?).
إذا الهمّ أمسى وهو داء فأمضه … ولست بممضيه وأنت تعادله
ولا تنزلن أمر الشّديدة بامرئ … إذا همّ أمرا عوّقته عواذله (?)