وأراد: ليس البرّ أن يأتى الرجل الشيء من خلاف جهته؛ لأن إتيانه من خلاف جهته يخرج الفعل عن حد الصواب والبرّ إلى الإثم والخطأ، وبيّن البرّ والتقوى، وأمر بإتيان الأمور من وجوهها، وأن تفعل على الوجوه التى لها وجبت وحسنت، وجعل تعالى ذكر البيوت وظهورها وأبوابها مثلا؛ لأن العادل فى الأمر عن وجهه كالعادل فى البيت عن بابه.
وخامسها أن تكون البيوت كناية عن النساء، ويكون المعنى: وأتوا النساء من حيث أمركم الله، والعرب تسمّى المرأة بيتا؛ قال الشاعر:
ما لي إذا أنزعها صأيت … أكبر غيّرنى أم بيت (?)
أراد بالبيت: المرأة.
ومما يمكن أن يكون شاهدا للجواب الّذي حكيناه عن أبى عليّ الجبّائىّ، والجواب عن أبى عبيدة أيضا ما أخبرنا به أبو القاسم عبيد الله عثمان بن يحيى قال: أخبرنا/ أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمىّ قال: أملى علينا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوىّ قال: أنشدنا ابن الأعرابىّ (?):
إنى عجبت لأمّ العمر إذ هزئت … من شيب رأسى وما بالشّيب من عار (?)
ما شقوة المرء بالإقتار يقتره … ولا سعادته يوما بإكثار
إنّ الشّقىّ الّذي فى النّار منزله … والفوز فوز الّذي ينجو من النّار
أعوذ بالله من أمر يزبّن لى … شتم العشيرة أو يدنى من العار
وخير دنيا ينسّى أمر آخرة … وسوف يبدى لى الجبّار أسرارى (?)