فهذه النطفة والوجبة من الأشكلة/ عصرتاه. وقوله: «إن لم يرغها بالقوس»؛ يعنى أنها لا تنال باليد حتى تحرّك بالقوس.
قال سيدنا أدام الله علوّه: وإنما جعل الأصمعىّ إنشاد باقى الأبيات دلالة على معرفة معناها؛ لأنه يبعد أن يعرفها ولا يعرف معناها، والأعرابىّ إنما سأل عن المعنى، فأقام إنشاده لها مقام تفسيرها، واستغنى الأعرابى بذلك وعلم بإتمامه للأبيات معرفته بمعانيها.
وكان الأصمعى كثيرا إذا أنشد شيئا من الشعر ينشد فى معناه فى الحال، فمن ذلك أن إسحاق بن إبراهيم الموصلىّ أنشده يوما لنفسه:
إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبى … وقام بنصرى خازم وابن خازم
عطست بأنف شامخ وتناولت … يداى الثّريّا قاعدا غير قائم
قال: فلما فرغت من إنشادهما أنشد بعقب ذلك:
ألا أيّها السائلى جاهلا … ليعرفنى، أنا أنف الكرم
نمت فى الكرام بنى عامر (?) … فروعى وأصلي قريش العجم (?)
قال: فجاء والله بالشّعر الّذي نحوته وعملت بيتىّ عليه.
وأخبرنا أبو عبيد الله المرزبانىّ قال حدثنا محمد بن يحيى الصولىّ قال حدثنا عون بن محمد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: ما أنشدت الأصمعىّ شيئا قط إلا أنشدنى مثله؛ كأنه أعدّه لى، فأنشدته يوما للأعشى:
علّقتها عرضا وعلّقت رجلا … غيرى وعلّق أخرى غيرها الرّجل (?)