كنّا فى مجلس الأصمعىّ إذ أقبل أعرابىّ فقال: أين عميدكم؟ فأشرنا إلى الأصمعىّ، فقال له:
ما معنى قول الشاعر:
لا مال إلّا العطاف تؤزره … أمّ ثلاثين وابنة الجبل (?)
لا يرتقى النزّ فى ذلاذله … ولا يعدّى نعليه من بلل (?)
فقال الأصمعىّ:
عصرته نطفة تضمّنها … لصب تلقّى مواضع السّبل
أو وجبة من جناة أشكلة … إن لم يرغها بالقوس لم تنل (?)
قال: فأدبر الأعرابىّ وهو يقول: لم أر كاليوم عضلة (?).
قال ابن دريد: إنما وصف رجلا خائفا فى رأس جبل؛ يقول: لا مال له إلّا العطاف- وهو السّيف- تؤزره أمّ ثلاثين؛ يعنى كنانة فيها ثلاثون سهما. وابنة الجبل؛ يعنى القوس، لأنها تعمل من شجر الجبال مثل النّبع وغيره.
وقوله: «لا يرتقى النّزّ فى ذلاذله»، لأنه فى رأس جبل؛ فلا نزّ هناك يتعلق بما يفضل من ثيابه، ولا بلل يعدّى نعليه عنهما.
والعصرة: الملجأ. والنّطفة: الماء المجتمع فى صخر أو غيره من بقيّة ماء المطر. واللّصب:
الشّق فى الجبل أضيق من اللهب (?) وأوسع من الشّعب. والسّبل: المطر.
والوجبة: أن يأكل كلّ يوم مرة. والأشكل: السّدر الجبلىّ، واحده أشكلة؛ يقول: