وكل هذا معنى «كاد» فيه المقاربة.
ومتى أدخلت العرب على «كاد» جحدا، فقالوا: ما كاد عبد الله يقوم، ولم يكد عبد الله يقوم؛ كان فيه وجهان:
أجودهما: قام عبد الله بعد إبطاء ولأى، ومثله قوله تعالى: فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ؛ [البقرة: 71]، أى ذبحوها بعد إبطاء وتأخير، لأنّ وجدان البقرة عسر عليهم.
وروى أنهم أصابوها ليتيم لا مال له غيرها، فاشتروها من وليّه بملء جلدها ذهبا، فقال تعالى: وَما كادُوا يَفْعَلُونَ، إما لأنهم لم يقفوا عليها، أو لغلائها وكثرة ثمنها.
والوجه الآخر فى قولهم: ما يكاد عبد الله يقوم، أى ما يقوم عبد الله، وتكون لفظة يكاد على هذا المعنى مطّرحة لا حكم لها، وعلى هذا يحمل أكثر المفسرين قوله تعالى:
إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها، أى لم يرها أصلا؛ لأنه جل وعز لما قال: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ؛ [النور: 40]، كأنّ بعض هذه الظلمات يحول بين العين وبين النظر إلى اليد وسائر المناظر؛ ف يَكَدْ على هذا التأويل زيدت للتوكيد، والمعنى: إذا أخرج يده لم يرها.
وقال قوم: معنى الآية: إذا أخرج يده رآها بعد إبطاء وعسر؛ لتكاثف الظلمة (?)، وترادف الموانع من الرؤية؛ ف يَكَدْ على هذا الجواب ليست بزائدة.
وقال آخرون: معنى الآية إذا أخرج يده لم يرد أن يراها، لأن الّذي شاهده من تكاثف الظلمات أيأسه (?) من تأمل يده، وقرّر فى نفسه أنه لا يدركها ببصره. وحكى عن العرب:
أولئك أصحابى الذين أكاد أنزل عليهم، أى أريد أن أنزل عليهم؛ قال الشاعر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة … لو عاد من لهو الصّبابة ما مضى (?)
/ أى أرادت وأردت، وقال الأفوه الأودىّ (?):