23 مجلس آخر [المجلس الثالث والعشرون: ]
إن سأل سائل عن قوله تعالى: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ؛ [المائدة: 116].
فقال: ما المراد بالنفس فى هذه الآية؟ وهل المعنى فيها كالمعنى فى قوله: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ؛ [آل عمران: 28] أو يخالفه؟ وهل يطابق معنى الآيتين والمراد بالنفس فيهما ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: قال الله تعالى: «إذا أحبّ العبد لقائى أحببت لقاءه، وإذا ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، وإذا ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه، وإذا تقرّب إلى شبرا تقرّبت إليه ذراعا، وإذا تقرّب إلى ذراعا تقربت إليه باعا»، أو لا يطابقه؟
الجواب، قلنا: النفس فى اللغة لها معان مختلفة، ووجوه فى التصرّف متباينة؛ فالنفس نفس الإنسان وغيره من الحيوان، وهى التى إذا فقدها خرج عن كونه حيّا، ومنه قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ؛ [آل عمران: 185].
والنّفس ذات الشيء الّذي يخبر/ عنه كقولهم: فعل ذلك فلان نفسه؛ إذا تولّى فعله.
والنفس: الأنفة، من قولهم ليس لفلان نفس، أى لا أنفة له.
والنفس الإرادة، من قولهم نفس فلان فى كذا، أى إرادته؛ قال الشاعر:
فنفساى نفس قالت ايت ابن بحدل … تجد فرجا من كلّ غمّى تهابها (?)
ونفس تقول اجهد نجاءك لا تكن … كخاضبة لم يغن شيئا خضابها (?)