إليه نفسه؛ ومعلوم أن التاجر لم يرد فى الحقيقة شيئا، ولا العليل (?) أيضا، لكن لمّا كان المعلوم من حال هذا الخسران، ومن حال هذا الهلاك حسن هذا الكلام، واستعمل ذكر الإرادة لهذا الوجه (?). وكلام العرب وحى وإشارات واستعارات ومجازات (?). ولهذه الحال كان كلامهم فى المرتبة العليا من الفصاحة؛ فإنّ الكلام متى خلا من الاستعارة (?)، وجرى كلّه على الحقيقة كان بعيدا من الفصاحة، بريّا من البلاغة، وكلام الله تعالى أفصح الكلام.
/ والوجه الرابع: أن تحمل الآية على التّقديم والتأخير؛ فيكون تلخيصها: إذا أمرنا مترفى قرية بالطاعة فعصوا واستحقوا العقاب أردنا إهلاكهم؛ والتقديم والتأخير فى الشعر وكلام العرب كثير. ومما يمكن أن يكون شاهدا
لصحة هذا التأويل من القرآن قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ [المائدة: 6]، والطهارة إنّما تجب قبل القيام إلى الصلاة، وقوله تعالى: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء: 102]، وقيام الطائفة معه يجب أن يكون قبل إقامة الصلاة؛ لأن إقامتها هى (?) الإتيان بجميعها على الكمال.
فأما قراءة من قرأ الآية بالتّشديد فقال: أَمْرِنا (?)، وقراءة من قرأها بالمدّ