نفسه خيفة، وارتاب بكتابه، ولقيه غلام من أهل الحيرة، فقال له: أتقرأ يا غلام؟ قال:
نعم، ففضّ خاتم كتابه، ودفعه إلى الغلام فقرأه، فإذا فيه: «إذا أتاك المتلمّس فاقطع يديه ورجليه، واصلبه حيا».
فأقبل على طرفة فقال له: تعلّمن (?) والله لقد كتب فيك بمثل هذا، فادفع كتابك إلى الغلام يقرؤه عليك، فقال: كلّا، ما كان ليجسر على قومى بمثل هذا، ولم يلتفت إلى قول المتلمّس، فألقى المتلمّس كتابه فى نهر الحيرة، وقال:
قذفت بها بالثّنى من جنب كافر … كذلك أقنو كلّ قطّ مضلّل (?)
رضيت لها بالماء لمّا رأيتها … يجول بها التيار فى كلّ جدول
كافر: نهر بالحيرة، وأقنو: اقتنى، والقطّ: الكتاب: والتيّار: معظم الماء وكثرته.
وقال المتلمّس أيضا:
من مبلغ الشّعراء عن أخويهم … نبأ فتصدقهم بذاك الأنفس (?)
أودى الّذي علق الصّحيفة منهما … ونجا حذار حبائه المتلمّس
ألقى صحيفته ونجّت كوره … وجناء مجمرة المناسم عرمس (?)
عيرانة طبخ الهواجر لحمها … فكأنّ نقبتها أديم أملس (?)
أطريفة بن العبد إنّك حائن … أبساحة الملك الهمام تمرّس!
ألق الصّحيفة لا أبا لك إنّه … يخشى عليك من الحباء النّقرس