النقرس هاهنا: الداهية، ومضى طرفة بكتابه إلى البحرين، فأمر به المعلّى بن حنش (?) العبدىّ فقتل؛ فقال المتلمس (?):
عصانا (?) فما لاقى رشادا وإنّما … تبيّن (?) فى أمر الغوىّ عواقبه
فأصبح محمولا على ظهر آلة … تمجّ نجيع الجوف منه ترائبه
فإلّا تجلّلها يعالوك فوقها … وكيف توقّى (?) ظهر ما أنت راكبه!
ولحق المتلمّس ببلاد الشام، وهجا عمرا، وبلغه أن عمرا يقول: لئن وجده بالعراق ليقتلنّه، فقال:
آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه … والحبّ يأكله بالقرية السّوس (?)
وجرى المثل بصحيفة المتلمّس، فقال الفرزدق يذكر الشعراء الذين أورثوه أشعارهم (?):
وهب القصائد لى النّوابغ إذ (?) مضوا … وأبو يزيد وذو القروح وجرول
وأخو بنى قيس وهنّ قتلنه … ومهلهل الشّعراء ذاك الأوّل
يعنى بالنوابغ: النابغة الذّبيانى والجعدىّ، ونابغة بنى شيبان، ويعنى: بأبى يزيد المخبّل السعدىّ، وجرول هو الحطيئة، وذو القروح امرؤ القيس، وأخو بنى قيس هو طرفة. ومعنى قوله: «وهن قتلنه»، يعنى: القصائد التى هجا بها عمرو بن هند، ويقال إن صاحب المتلمس وطرفة فى هذه القصة هو النعمان بن المنذر، وذلك أشبه بقول طرفة:
أبا منذر كانت غرورا صحيفتى … ولم أعطكم فى الطّوع مالى ولا عرضى (?)
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا … حنانيك (?) بعض الشّرّ أهون من بعض
وأبو منذر هو النعمان بن المنذر، وكان النعمان بعد عمرو بن هند، وقد مدح طرفة النعمان فلا يجوز أن يكون عمرو قتله، فيشبه أن تكون القصّة مع النعمان.