فى دهليزه، قاعدا فى مكتبه، / وهو صغير السن فقلت له: أين يحدث (?) الغريب إذا كان (?) عندكم وأراد ذلك؟ فنظر إلى ثم قال: يتجنّب شطوط الأنهار، ومساقط (?) الثمار، وأفنية الدور، والطرق النافذة، والمساجد، ويضع ويرفع بعد ذلك حيث شاء. قال: فلما سمعت هذا القول نبل فى عينى، وعظم فى قلبى. فقلت له: جعلت فداك! فممّن المعصية؟ فنظر إلى ثم قال:
اجلس حتى أخبرك، فجلست، فقال: إنّ المعصية لا بدّ أن تكون من العبد أو من ربه، أو منهما جميعا؛ فإن كانت من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده، ويأخذه بما لم يفعله، وإن كان منهما فهو شريكه؛ والقوىّ أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر، وإليه توجّه النهى، وله حق الثواب والعقاب، ووجبت الجنة والنار، قال:
فلما سمعت ذلك قلت: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ؛ [آل عمران: 34]، وقد نظم هذا المعنى شعرا فقيل:
لم تخل أفعالنا اللّاتى نذمّ لها … إحدى ثلاث خلال حين نأتيها
إمّا تفرّد بارينا بصنعتها … فيسقط اللّوم عنّا حين ننشيها
أو كان يشركنا فيها فيلحقه … ما سوف يلحقنا من لائم فيها
أو لم يكن لإلهى فى جنايتها … ذنب فما الذّنب إلّا ذنب جانيها (?)
وأحد من تظاهر من المتقدمين بالقول بالعدل، الحسن بن أبى الحسن البصرىّ، واسم أبيه يسار، من أهل ميسان، مولى لبعض الأنصار، وكان اسم أمه خيرة، مملوكة لأمّ سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله، ويقال إن أمّ سلمة
كانت تأخذ الحسن إذا بكى فتسكّته بثديها،