فكان يدرّ عليه، فيقال إنّ الحكمة التى أوتيها الحسن من ذلك، وبلغ الحسن من السن تسعا وثمانين سنة.
فمن تصريحه بالعدل ما رواه عليّ بن الجعد (?) قال: سمعت الحسن يقول: من زعم أن المعاصى من الله عز وجلّ جاء يوم القيامة مسودّا وجهه، ثم قرأ: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ؛ [الزمر: 60]. وقال داود بن أبى هند:
سمعت الحسن يقول: كلّ/ شيء بقضاء وقدر (?) إلا المعاصى.
وكان الحسن بارع الفصاحة، بليغ المواعظ، كثير العلم. وجميع كلامه فى الوعظ وذم الدنيا أو جلّه مأخوذ لفظا ومعنى، أو معنى دون لفظ؛ من كلام أمير المؤمنين عليّ ابن أبى طالب عليه السلام، فهو القدوة والغاية (?).
فمن ذلك قوله عليه السلام: «شيئان أحدهما مأخوذ من الآخر، أحدهما أكثر شيء فى الدنيا، والآخر أقلّ شيء فى الدنيا: العبر والاعتبار».
وقوله عليه السلام: «مثل الدنيا والآخرة، مثل المشرق والمغرب، متى ازددت من أحدهما قربا، ازددت من الآخر بعدا».
وقوله: «شتّان بين عملين: عمل تذهب لذّته، وتبقى تبعته، وعمل تذهب مئونته ويبقى أجره».
وقوله فى وصف الدنيا: «ما أصف من دار أولها عناء، وآخرها فناء، فى حلالها حساب، وفى حرامها عقاب، من صحّ فيها أمن (?)، ومن فرّط فيها ندم، ومن استغنى