لكم الأجر على مسيركم وأنتم سائرون، وعلى مقامكم وأنتم مقيمون، ولم تكونوا فى شيء من حالاتكم مكرهين، ولا إليها مضطرين، ولا عليها مجبرين.

فقال الشامىّ: وكيف ذاك والقضاء والقدر ساقانا، وعنهما كان مسيرنا وانصرافنا؟

فقال له عليه السلام: يا أخا أهل الشام، لعلّك ظننت قضاء لازما، وقدرا حتما؛ لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد، والأمر من الله والنهى، وما كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المسيء، والمسيء أولى بعقوبة الذنب من المحسن؛ تلك مقالة عبدة الأوثان، وحزب الشيطان، وخصماء الرحمن، وشهداء الزور، وقدريّة هذه الأمة ومجوسها؛ إنّ الله أمر عباده تخييرا، ونهاهم تحذيرا، وكلّف يسيرا، وأعطى على القليل كثيرا، ولم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا، ولم يكلّف عسيرا، ولم يرسل الأنبياء لعبا، ولم ينزّل الكتب إلى عباده عبثا، ولا خلق السموات والأرض وما بينهما باطلا؛ ذلك ظنّ الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار!

قال الشامىّ: فما القضاء والقدر الّذي كان مسيرنا بهما وعنهما؟ قال: الأمر من الله بذلك والحكم، ثم تلا: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً؛ [الأحزاب: 38]، فقام الشامىّ فرحا مسرورا لمّا سمع هذا المقال، وقال: فرّجت عنى فرّج الله عنك يا أمير المؤمنين، وأنشأ يقول:

أنت الإمام الّذي نرجو بطاعته … يوم الحساب من الرّحمن غفرانا (?)

أوضحت من أمرنا (?) ما كان ملتبسا … جزاك ربّك بالإحسان إحسانا (?)

وروى أنّ أبا حنيفة النعمان بن ثابت قال: دخلت المدينة، فرأيت أبا عبد الله [جعفر ابن عليّ] (?) عليه السلام،

فسلّمت عليه، وخرجت من عنده، فرأيت (?) ابنه موسى (?) عليه السلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015