سأراه بعينى وأحيط به علما؛ أما تستحيون ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتى عن الله تعالى بشيء، ثم يأتى بخلافه من وجه آخر! قال أبو قرّة: فإنه يقول: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى؛ [النجم: 13، 14]، فقال عليه السلام: ما بعد هذه الآية يدلّ على ما رأى؛ حيث يقول: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى؛ [النجم: 11]، يقول ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه، ثم أخبر بما رأى، فقال: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى؛ [النجم: 18]، وآيات الله غير الله، وقد قال الله تعالى: وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً؛ [طه: 110]، فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم. فقال أبو قرّة: فأكذّب بالرؤية؟ فقال الرضا عليه السلام: إذن القرآن كذّبها، وما أجمع عليه المسلمون أنه لا يحاط به علما، ولا تدركه الأبصار، وليس كمثله شيء.
وأتى أعرابىّ أبا جعفر محمد بن عليّ عليهما السلام (?) فقال له: هل رأيت ربّك حين (?) عبدته؟ فقال: لم أكن لأعبد شيئا لم أره، فقال: كيف رأيته؟ فقال: لم تره الأبصار بمشاهدة العيان، بل رأته القلوب بحقائق الإيمان؛ لا يدرك
بالحواس، ولا يقاس بالنّاس، معروف بالآيات، منعوت بالعلامات، لا يجور فى قضيّته؛ هو الله الّذي لا إله إلا هو. فقال الأعرابىّ: الله أعلم حيث يجعل رسالاته!
وروى أنّ شيخا حضر صفّين مع أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أخبرنا يا أمير المؤمنين عن مسيرنا إلى الشام، أكان بقضاء من الله تعالى وقدر؟ قال له: / نعم يا أخا أهل الشام، والّذي فلق الحبّة، وبرأ النّسمة، ما وطئنا موطأنا، ولا هبطنا واديا، ولا علونا تلعة إلا بقضاء من الله وقدر، فقال الشامىّ: عند الله أحتسب عنائى يا أمير المؤمنين، وما أظنّ أن لى أجرا فى سعيى إذ كان الله قضاه عليّ وقدّره! فقال له عليه السلام: إن الله قد أعظم