ثم هبطت البلاد لا بشر … أنت ولا مضغة ولا علق
بل نطفة تركب السّفين وقد … ألجم نسرا وأهله الغرق (?)
تنقل من صالب إلى رحم … إذا مضى عالم بدا طبق
/حتّى احتوى بيتك المهيمن من … خندف علياء تحتها النّطق
وأنت لمّا ولدت أشرقت ال … أرض وضاءت بنورك الأفق
فنحن فى ذلك الضّياء وفى النّ … ور وسبل الرّشاد نخترق
قوله: «من قبلها»: أى من قبل الخليقة، كنى عن غير مذكور، والعرب تفعل ذلك توسّعا واختصارا، وثقة بفهم السامع.
وأقول: إنّ ضمير الغيبة ينقسم إلى أربعة أضرب، أحدها، وهو الأصل: أن يعود إلى شيء قد تقدّم ذكره، كقولك: زيد لقيته، وهند خرجت، وأخواك أكرمتهما، والقوم انطلقوا، وضرب زيد غلامه، ومثله فى التنزيل: {وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ} (?) {وَنادى نُوحٌ اِبْنَهُ} (?).
والثانى: أن يعود إلى مذكور في سياقة الكلام، مؤخّر فى اللفظ، مقدّم فى النيّة؛ لأنّ رتبته التقديم، كقولك: ضرب غلامه زيد، وكقولهم: «فى بيته يؤتى الحكم (?)»، ومثله فى التنزيل: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى} (?) وقوله: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ} (?).
والثالث: أن لا يعود على مذكور، ويلزمه أن يفسّر بنكرة منصوبة،