وإنّما غلب على «ليتما» العمل لقوّة شبه «ليت» بالفعل، ألا ترى أن وددت بمعنى تمنّيت، وليت: هي علم التمنّى، فلذلك حسن نصب الجواب فى قولك: وددت أنه زارنى فأكرمه، وكذلك «لو» مختصّة بالفعل، وقد استعملوها للتمنّى كقوله: {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (?) ويدلّك على تقارب إنّما ولكنّما أنه يجوز الرفع بالعطف على موضع «لكنّ» كما يجوز ذلك فى «إنّ» لأنّ موضعيهما رفع بالابتداء، تقول: إنّ زيدا قائم وعمرو، لكنّ بشرا جالس وبكر.
ويدلّك أيضا على تقاربهما أنّ «لكنّ» إذا خفّفت بطل عملها، وصارت من حروف العطف، فارتفع الاسم بعدها بالابتداء، كقوله: {لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ} (?)، ولاصقها الفعل فى نحو: ما خرج زيد لكن خرج بكر.
/وكذلك «إنّ» إذا خفّفت غلب عليها الإلغاء، فى نحو: إن زيد لمنطلق، كما قال: {وَإِنْ كُلٌّ لَمّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ} (?) و {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ} (?) فى قراءة من قرأ {لَمّا} خفيفة الميم، فأمّا من شدّد الميم، فإن نافية، ولمّا بمعنى إلاّ.
وإعمال «إن» مخففة قليل، قال سيبويه (?): حدّثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول: إن عمرا لمنطلق، وأهل المدينة يقرءون: {وَإِنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ} (?) يخفّفون وينصبون، كما قال: