واحترمه الْأَبْيَض والأحمر، وعظمه الْمُسلم وَالْكَافِر. وَأَظنهُ قد قرب الْيَوْم الَّذِي يتَنَبَّه فِيهِ، فيتروى فِي الْأَمر فيعدل عَن الِاعْتِمَاد على غير الماديات، وَيضْرب على فَم بعض الغشاشين المتملقين الخائنين، الَّذين ينسبون حَضرته إِلَى مَا لم ينتسب هُوَ إِلَيْهِ: ويشيعون عَنهُ دَعْوَى مَا ادَّعَاهَا قطّ أحد من أجداده الْعِظَام بِوَجْه رسمي.
وَهَؤُلَاء الغشاشون يغرون حَضْرَة السُّلْطَان على هَذِه الدَّعْوَى بِمَا يهرفون بِهِ عَلَيْهِ، وَبِمَا يؤلفونه هم وأعوانهم من الْكتب والرسائل الَّتِي يعزون بَعْضهَا لأَنْفُسِهِمْ، وَبَعضهَا لغَيرهم من الْمُنَافِقين أَو لأسماء يسمونها أَو كتب يختلقونها، فيجعلون تَارَة آل عُثْمَان الْعِظَام يتصلون نسبا بعثمان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ؛ وَأُخْرَى يرفعون نسبهم إِلَى أعالي قُرَيْش ويعطونهم حق الْخلَافَة، مرّة بالتنازل من العباسيين، وَأُخْرَى بِالِاسْتِحْقَاقِ والوراثة، وآونة بالعهد، وَأُخْرَى بالبيعة الْعَامَّة، وحينا بِخِدْمَة الْحَرَمَيْنِ الشريفين. ووقتاً بِحِفْظ المخلفات النَّبَوِيَّة.
وَكَأن هَؤُلَاءِ الغشاشين يُرِيدُونَ بِهَذِهِ الدسائس أَن يجْعَلُوا حَضْرَة السُّلْطَان نظيرهم: دعِي نسب كَاذِب كدعواهم لأَنْفُسِهِمْ السِّيَادَة، ومتسنم مقَام موهوم كدعواهم الْولَايَة والقطبانية فِي أنفسهم وآبائهم وأجدادهم؛ فيحشون فِي تِلْكَ المؤلفات انسابا انتحلوها