ام القري (صفحة 232)

لأَنْفُسِهِمْ مقرونة بِنسَب حَضْرَة السُّلْطَان؛ ويستطردون لحكايات كرامات لأجدادهم ملفقة مخترعة لَا يعترفها لَهُم أحد من الْمُسلمين، يدسونها بَين حكايات ووقائع الْخُلَفَاء والسلاطين.

وَمن الْمَعْلُوم عِنْد أهل الْوُقُوف، أَن التلقب بالخلافة والإمامة الْكُبْرَى أَو إِمَارَة الْمُؤمنِينَ فِي آل عُثْمَان الْعِظَام حدث فِي عهد المرحوم السُّلْطَان مَحْمُود، حَيْثُ صَار بعض وزرائه يخاطبونه بذلك أَحْيَانًا تفنناً فِي الإجلال وغلوا فِي التَّعْظِيم، ثمَّ توسع اسْتِعْمَال هَذِه الألقاب فِي عهد أبنية وحفيدية إِلَى أَن بلغ مَا بلغه الْيَوْم بسعي أُولَئِكَ الغشاشين، الَّذين يدْفَعُونَ ويقودون حَضْرَة السُّلْطَان الحالي لتنازل عَن حُقُوق راسخة سلطانية لأجل عنوان خلَافَة وهمية مُقَيّدَة فِي وَضعهَا بشرائط ثَقيلَة، لَا تلائم أَحْوَال الْملك، ومعرضة بطبعها للقلقلة والانتزاع والخطر الْعَظِيم.

وَلذَلِك، حضرات السلاطين أنفسهم لم يزَالُوا إِلَى الْآن متحفظين عَن التلقب بالخلافة رسمياً فِي منشوراتهم ومسكوكاتهم، إِنَّمَا تمضغها أَفْوَاه الْبَعْض، فيلوكها التركي تَعْظِيمًا لِقَوْمِهِ، والعربي نفَاقًا لسلطانه، والمصري اتبَاعا للمرائين، والهندي اعتزازاً بالوهم، وَالْأَجْنَبِيّ هزؤاً ومكراً؛ بِخِلَاف حضرات سُلْطَان مراكش وأمير عمان وَإِمَام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015