وولي سليمان بن عبد الملك فسيّر أخاه مسلمة غازياً إلى قسطنطينية. واستخلف مسلمة على عمله خليفةً. ورابط فيها سليمان بمرج دابقٍ إلى أن مات سنة 99.
ولي عمر بن عبد العزيز بن مروان، فكان أكثر مقامه بخناصرة الأحصّ. وولّى من قبله على قنّسرين هلال بن عبد الأعلى، وولّى أيضاً عليها الوليد بن هشام المعيطّي على الجند، والفرات بن مسلمٍ على خراجها. وتوفي عمر بدير سمعان من أراضي معرة النعمان، يوم الخميس لخمسٍ بقين من رجبٍ سنة 101.
وولّي يزيد بن عبد الملك، والوليد على قنّسرينن وكان مرائياً يتزيّن عنده بذلك، فحطّ رزقه. وكتب إلى يزيد، وهو ولّي عهده: إنّ الوليد بن هشامٍ كتب إليّ كتاباً أكثر ظنّي أنه تزيّن بما ليس هو عليه، فأنا أقسم عليك إن حدث بي حدث وأفضي هذا الأمر إليك فسألك أن تردّ رزقه، وذكر أني نقصته، فلا يظفر منك بهذا. فلما استخلف يزيد كتب الوليد إليه: إن عمر نقصني، وظلمني فغضب يزيد، وعزله، وأغرمه كلّ رزقٍ جرى عليه في ولاية عمر ويزيد، فلم يل له عملاً حتى هلك. ومات يزيد بن عبد الملك بالبلقاء في سنة 105.
وولّى على قنّسرين وعملها خال أخيه سليمان، وهو الوليد بن القعقاع بن خليد العبسي. وقيل: إنّه ولّى عبد الملك بن القعقاع على قنسرين، وإليهم ينسب حيار بني عبسٍ، وإلى أبيهم تنسب القعقاعية؛ قريةٌ من بلد الفايا. وتوفي هشامٌ سنة 125.
وولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكانت بينه وبين بني القعقاع وحشةٌ، فهرب الوليد بن القعقاع وغيره من بني أبيه من الوليد، فعاذوا بقبر يزيد بن عبد الملك. فوّلى الوليد على قنّسرين يزيد بن عمر بن هبيرة، وبعث إلى الوليد بن القعقاع فأخذه من جوار قبر أبيه، ودفعه إلى يزيد بن عمر بن هبيرة، وهو على قنسرين، فعذّبه وأهله، فمات الوليد بن القعقاع في العذاب.
وخرج يزيد بن الوليد على الوليد بن يزيد فقتله في البخراء في جمادى الآخرة سنة 126. ووثب على عامله بدمشق فأخذه. وسيّر أخاه مسرور ابن الوليد، وولاّه قنّسرين. وقيل بل ولّي قنسرين أخوه بشر بن الوليد. وبويع يزيد، ومات في ذي الحجة من سنته هذه.
بويع إبراهيم بن الوليد، وخلع في شهر ربيع الأول سنة 127. فولي مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، وكان بحرّان، فسار منها في سنة 127، ونزل بحلب، وقبض على مسرور بن الوليد الوالي بحلب وعلى أخيه بشر بعد أنّ لقيهما، فهزمهما، وقتلهما بحلب، وكان معهما إبراهيم بن عبد الحميد بن عبد الرحمن، فقتله أيضاً.
وولّى على حلب وقنسرين عبد الملك بن الكوثر الغنويّ، بعد أن خلع إبراهيم ابن الوليد نفسه، وآمنه مروان، واستتبّ أمر مروان. وخرج على مروان سليمان ابن هشام بن عبد الملك، فالتقاه مروان بن محمدٍ بخساف فاستباح عسكره في سنة 128.
وكان الحكم وعثمان ابنا الوليد بن يزيد حبسا بقلعة قنسرين. وكان يزيد ابن الوليد حبسهما، فنهض عبد العزيز بن الحجاج ويزيد بن خالدٍ القسريّ، فقتلاهما وقتلا معهما يوسف بن عمر الثقفيّ بقنسرين، وأخذا بعد ذلك فقتلهما مروان وصلبهما.
وولّي أبو العباس السفاح في شهر ربيعٍ الآخر من شهور سنة 132 بالكوفة. فسيّر عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن العباس، في جمع عظيمٍ، للقاء مروان بن محمد. وكان مروان في جيوشٍ كثيفةٍ، فالتقيا بالزاب من أرض الموصل في جمادى الآخرة سنة 132. فهزم مروان، واستولى على عسكره. وسار مروان منهزماً حتى عبر الفرات من جسر منبج فأحرقه.
فلما مرّ على قنسرين وثبت به طيّئٌ وتنوخ واقتطعوا مؤخر عسكره ونهبوه. وقد كان تعصّب عليهم، وجفاهم أيام دولته وقتل منهم جماعة.
وتبعه عبد الله بن عليّ وسار خلفه حتى منبج فنزلها، وبعث إليه أهل حلب بالبيعة مع أبي أمية التّغلبيّ.
وقدم عليه أخوه عبد الصمد معه إليها، فبايعه أبو الورد مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابيّ وكان من أصحاب مروان، ودخل في ما دخل فيه الناس من الطاعة.
وسار عبد الله إلى دمشق ثم بلغ خلفه إلى نهر أبي فطرس، وأتبعه بأخيه صالحٍ حتى بلغ الدّيار المصرية خلف مروان بن محمدٍ فأدركه ببوصير فقتله، ثم عاد إلى دمشق بعده.