وكان الجيش مع وزيره أبي الحسن علي بن الحسين بن المغربي، فتفتتح في طريقه دير سمعان عنوة بالسيف، وخرّب دير سمعان، وكان بنية عظيمة وحصناً قوياً، وقد ذكر الواساني في بعض شعره.

وقيل: إن الدمستق رأى في نومه المسيح وهو يقول له مهدداً لا تحاول أخذ هذه المدينة، وفيها ذلك الساجد على الترس. وأشار إلى موضعه في البرج الذي بين باب قنسرين، وبرج الغنم في المسجد المعروف بمشهد النور. فلما أصبح ملك الروم سأل عنه فوجده ابن أبي نمير عبد الرزاق بن عبد السلام العابد الحلبي، وكان ذلك سبب الرحيل عن حلب.

وقيل: إنه صالح أهل حلب ورحل.

وقيل: إن هذا كان في نزول أرومانوس على تبلّ. سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.

وكان ابن أبي نمير من الأولياء الزهاد والمحدثين العلماء وتوفي في حلب في سنة 425، وقبره بباب قنسرين.

ويحتمل أن يكون في سنة 372 حين نزل بردس على حلب ورحل عنها عن صلح، في سنة 372 فطلب من العزيز أن يوليه دمشق، وكاتب العزيز في إنفاذ عسكر ليأخذ له حلب، فأنفذ إليه عسكراً، فنزل على حلب إلى أن نزل الدمستق أنطاكية، فخاف أن يكبسه فرحل عنها.

ولما يئس الدمستق من حلب، وخاف على نفسه أن يقتله ملك الروم، خرج إلى جهة حمص، فهرب بكجور من حمص إلى جوسية وكاتب الدمستق أهل حمص بالأمان، وأظهر لهم أنه يسير إلى دمشق، وأنه مهادن لجميع أعمال سعد الدولة، فاطمأنوا إلى ذلك. وأمرهم بإقامة الزاد والعلوفة.

وهجم حمص في ربيع الآخر سنة 373، وأحرق الروم الجامع وكثيراً من البلد.

وكان استوحش أبو المعالي من بكجور، فأمره أن يترك بلده ويمضي.

وصعد بكجور إلى دمشق فوليها في هذه السنة أعني سنة ثلاث من قبل المصريين، وجار على أهل دمشق، فظلم، وجمع الأموال لنفسه، فجرد إليه عسكر من مصر مع مثبر الخادم في سنة 378.

وكان بكجور يخاف من أهل دمشق لسوء سيرته، فبعث بعض عسكره، فأرسل إليه بكجور وبذل له تسليم دمشق والانصراف عنها، فأجابه إلى ذلك، فرحل عن دمشق متوجهاً إلى حوارين، في شهر من سنة 378.

ووصلت خلع المنصور، في شعبان من هذه السنة فلبسها.

ومات الأمير قرعويه بحلب في سنة 380.

ثم عن بكجور قوي أمره واستفحل وأخذ إليه أبا الحسن علي بن الحسين المغربي، واستوزره لمباينة حصلت بينه وبين سعد الدولة. وعاث على أعمال سعد الدولة، وجمع إليه بني كلاب، واستغوى بني نمير، فبرز مضرب الأمير سعد الدولة، يوم السبت الثاني والعشرين من محرم سنة 81، إلى ظاهر باب الجنان.

وسار يوم السبت سلخ المحرم، على أربع ساعات، وقد كان بكجور سار إلى بالس، وحاصر من كان بها فامتنعوا عليه، فقصده سعد الدولة، والتقوا على الناعورة، في سلخ المحرم من سنة 381.

وهزم بكجور، وهرب، واختفى عند رحا القديمي على نهر قويق، وبث سعد الدولة الناس خلفه، وضمن لمن جاء به شيئاً وافراً، فظفر به بعض الأعراب، وأتى به إلى سعد الدولة، فضرب عنقه صبراً بين يديه، ببندر النّاعورة، وصلبه على سبع ساعات من يوم الأحد مستهل صفر.

ورحل سعد الدولة يوم الثلاثاء إلى بالس فوجد بكجور قد خرب ربضها، فأقام بها أربعة أيام.

ورحل حتى أتى الرقة، وبها حرم بكجور وأمواله وأولاده، فتلقاه أهل الرقة بنسائهم ورجالهم وصبيانهم، فأقام بها بقية يومه.

ونزل أهل الرقة، فاحتاطوا بحرم بكجور وأولاده، فآمنهم سعد الدولة، في اليوم التّاسع من صفر، وتنجّزت أمورهم إلى يوم الخميس الثاني عشر منه. ورضي عن أولاده، واصطنعهم، ووهب لهم أموال بكجور، وحلف لهم على ذلك، فمدحه أبو السحن محمد بن عيسى النّامي بقصيدةٍ أوّلها:

غزائر الجود طبعٌ غير مقصود ... ولست عن كرمٍ يرجى بمصدود

ولما خرج أولاد بكجور بأموالهم وآلاتهم استكثرها سعد الدولة، فقال له وزيره أبو الهيثم بن أبي حصين: أنت حفلت لهم على مال بكجور، ومن أين لبكجور هذا المال؟ بل هذه أموالك.

فغدر بهم، ونكث في يمينه، وقبض مال بكجور إيه، وكان مقداره ثمانمائة ألف دينار، وصادر نواب بكجور، واستأصل أموالهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015