ونشاط كانت القوافل التجارية غادية رائحة بين الشرق والغرب، وكانت الأسواق مشحونة بالمتاجر والبضائع، وكان الصناعون مكبيِّن على أعمالهم. وكانت الحكومات والامارات والدول غنية بأموالها ورجالها، لكل وظيفة رجل كفؤ بل رجال أكفاء، وكان على وجه الأرض كل نوع من البشر، وكل لون من الحياة، وكل مظهر من مظاهر المدنية، لا يرى في الحياة الانسانية المادية عوز أو فراغ. ولم تكن في المدينة وظيفة شاغرة يترشح لها مترشح جديد، وكانت كأس الحياة مترعة لا تطلب المزيد.

في هذه الحال ظهرت أمة في جزيرة العرب ووجد نوع جديد من البشر، وكأني بالامم المعاصرة وهي تتسائل: أي داع الى ظهور أمة جديدة والامم على وجه الأرض كثيرة منتشرة، وما شغل هذه الأمة الحديثة، وما مهمتها في العالم؟

وكأني بها تقول: إذا كانت هذه الأمة إنما بعثت للزراعة وعمارة الأرض فقد كان في فلاحي الطائف، وأكَّاري مدينة يثرب، وزراع وادي الفرات والنيل وربوع الكنج وجمنا، غنى عن أمة زراعية جديدة، فقد أصبحت أراضي هؤلاء الفلاحين وبلادهم جنة تدر لبنا وعسلا، وإذا كان المسلمون إنما بعثوا ليشتغلوا بالزراعة فقط، فلماذا لم يبعثوا في العراق، وفي مصر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015