من سكرتهم، ولم يغيروا ما بأنفسهم حتى يغير الله ما بهم، وحق عليهم قول ربهم: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} [الحجر: 72] وقوله: {فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا، ولكن قست قلوبهم، وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون} [الأنعام: 43] وقوله: {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون} [المؤمنون: 76]. وما زالوا منهمكين فيما هم فيه من غفلة ولهو وظلم، حتى يقول ابن الأثير:
"فالله تعالى ينصر الاسلام والمسلمين نصرا من عنده، فما نرى في ملوك الاسلام من له رغبة في الجهاد ولا في نصرة الدين، بل كل منهم مقبل على لهوه ولعبه، وظلم رعيته، وهذا أخوف عندي من العدو، وقال الله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} [الأنفال: 25].
ومما يجب أن يلاحظ القارئ ويعتبر به المعتبر، أن المسلمين في هذه الظلماء التي غشيتهم، والفتنة التي عمتهم، كلما أفاقوا من سكرتهم، وأصلحوا شأنهم، وأزاحوا العلل، وصمدوا في وجه العدو، واستنزلوا النصر، هزموا التتر الذين لم يكونوا يعرفون الهزيمة، ولا يصدق الناس بانهزامهم، فقد هزمهم جلال الدين خوارزم شاه ثلاث مرات، وهزمهم الظاهر بيبرس غير ما مرة، وهزمهم الملك الناصر صاحب مصر بمرج