حببتهم هذه الاخلاق الى أعدائهم الذين كانوا يقاتلونهم حتى ان كان هؤلاء ليؤثرونهم على بني جلدتهم وأبناء ملتهم، ويتمنون لهم الظفر، ويدفعون عنهم العدو، ويتطوعون لمصالحهم.
قال البلاذري في فتوح البلدان: حدثني أبو حفص الدمشقي، قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: بلغني أنه لما جمع هرقل للمسلمين الجموع، وبلغ المسلمين اقبالهم اليهم لوقعة اليرموك، ردوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الخراج، وقالوا: قد شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم فأنتم على أمركم، فقال أهل حمص:
لولايتكم وعدلكم أحب الينا مما كنا فيه من الظلم والغشم: ولندفعن جنود هرقل عن المدينة مع عاملكم، ونهض اليهود، فقالوا: والتوراة لا يدخل عامل هرقل مدينة حمص، الا أن ننغلب ونجهد، فأغلقوا الأبواب وحرسوها، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود، وقالوا: ان ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا الى ما كنا عليه، والا فانا على أمرنا منا بقي للمسلمين عدد، فلما هزم الله الكفرة وأظهر المسلمين، فتحوا مُدنهم واخرجوا المقلسين (?)، فلعبوا وأدوا الخراج.