الروح وطمأنينة القلب، ومن جور النظم السياسية والاجتماعية، الى عدل الإسلام".
هذه هي الدعوة التي تهيب بكم يا رجال العالم الإسلام، وهذه الإنسانية البائسة تستصرخكم وتستغيثكم على أعداءها. وليس العالم اليوم بأقل ظمأ وأقل فاقة الى الدعوة الإسلامية الصحيحة منه بالأمس، وإنه لا يختلف عما كان عليه في القرن السادس المسيحي، فهو غني اليوم في كل ناحية من نواحي الحياة، وفي جميع الحرف والصناعات، وقد ضاق بالأمم والحكومات، وطفح بالاعلام والرايات، وفاض بالحركات والدعوات، وضجر بطغيان الأهواء والنزعات، وثورة الأغراض والشهوات، فهو في ذلك لا يقبل علاوة، ولا يسمح بزيادة، فإذا لم يكن المسلمون إلا أمة من الأمم ليست لهم دعوة الى الله، ولا رسالة للإنسانية المحتضرة، ولم يكن لهم هم إلا أنفسهم وبطونهم، لم يكن هنالك ما يبرر تاريخهم الماضي الذي افتتح بالدعوة الدينية والجهاد في سبيلها، ولا يبرر وجودهم في هذا العصر، فإنما نُصِرُوا واستبقوا بشريطة القيام بالعبادة والدعوة إليها.
والدعوة الى الله هي الناحية الوحيدة التي لا تزال فارغة في خارطة العالم، لا تشغلها أمة ولا دعوة، فإذا عمرها المسلمون أحسنوا الى الإنسانية وإلى أنفسهم، وأمسكوا هذا العالم المتمدن الذي قد كاد يهوي في الهاوية.
...