القليلة. وفيها من لا يفهمها وهم الكثرة الكاثرة، ولكن كل مؤمن بها مسحور بسحرها يرى الظرافة والكياسة في اعتقادها ويرى ذلك شعار المثقفين الاحرار.
وهكذا انتشر الالحاد والارتداد في الأوساط الاسلامية من غير أن ينتبه له الآباء والأساتذة المربون وأهل الغيرة لأن أهلها لم يقوموا في كنيسة، ولم يدخلوا في معبد ولم يسجدوا لصنم ويذبحوا لطاغوت، وكان ذلك دليل الارتداد والكفر والزندقة في العهد القديم.
وكان المارقون القدماء يخرجون من المجتمع الاسلامي وينضمون الى مجتمع الديانة التي يدينون بها جديدا، ويعلنون عقيدتهم وتحولهم بصراحة وشجاعة، ويحتملون كل ما يخسرونه في سبيل عقيدتهم الجديدة، ولا يلحون على البقاء في المجتمع القديم ليحافظوا على ما كانوا يتمتعون به من حقوق وحظوظ.
أما الذي يقطع صلته عن دين الاسلام اليوم فلا يريد أن يقطع صلته عن المجتمع الاسلامي، مع أن المجتمع الاسلامي هو المجتمع البشري الوحيد الذي يقوم على العقيدة ولا يتحقق هذا المجتمع من غير عقيدة، ويلحون على أن يعيشوا في مراكزهم متمتعين بثقة هذا المجتمع، متمتعين بالحقوق التي يخولها الاسلام، ان هذا وضع شاذ لم يعرفه التاريخ الاسلامي.