حملت أوروبا الى الشرق الفلسفات التي قامت على انكار أسس الدين وانكار القوة المصرفة لهذا العالم، القوة الواعية التي أخرجت هذا لعالم من العدم الى الوجود وبيدها زمام الكون {ألا له الخلق والأمر} وعلى انكار عالم الغيب والوحي والنبوءات، وانكار الشرائع السماوية، انكار القيم الروحية والخلقية، منها ما تبحث في علم الحياة والنشوء والارتقاء، ومنها ما تتصل بالأخلاق، ومنها ما تدور حول علم النفس، ومنها ما موضوعها الاقتصاد والسياسة، ومهما اختلفت هذه الفلسفات في ألوانها وأهدافها وأسسها، فإنها جميعا تلتقي على النظرية المادية المحضة الى الانسان والى الكون والتعليل المادي لظواهرهما وأفعالهما.

غزت هذه الفلسفات المجتمع الشرقي الاسلامي وتغلغلت في أحشائه وكانت أعظم ديانة ظهرت بعد الاسلام في التاريخ، أعظمها انتشارا وأعمقها جذورا وأقواها سيطرة على العقول والقلوب، وأقبل عليها زهرة البلاد الاسلامية وزبدتها عقلا وثقافة، وأساغتها وهضمتها ودانت بها كما يدين المسلم بالاسلام والمسيحي بالمسيحية بكل معنى الكلمة، فهي تستميت في سبيلها وتقدس شعارها وتجل قادتها ودعاتها، وتدعو اليها في أدبها ومؤلفاتها، وتحتقر كل ما يعارضها من الاديان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015