وتتسم هذه الحوادث كلها بسمتين: أولاهما المقت الشديد من المسلمين، والثانية الانفصال عن المجتمع الاسلامي، فكان كل من يرتد عن دينه يستهدف لسخط المسلمين الشديد، وينفصل عن المجتمع الاسلامي الذي يعيش فيه بطبيعة الحال، وتنقطع بمجرد ارتداده بينه وبين ذوي قرابته الاواصر والارحام، وكانت الردة انتقالا من مجتمع الى مجتمع، ومن حياة الى حياة، وكانت الاسرة تقاطعه وتهجره وتقصيه، فلا مصاهرة، ولا زواج، ولا اخاء، ولا توارث، وكانت حركات الردة تثير روح المقاومة في المسلمين والمقارنة بين الديانات، والدفاع عن الاسلام، وكل قطر من أقطار المسلمين ظهرت فيه حوادث الردة تحمس علماء المسلمين ودعاة الاسلام وحملة الاقلام فيه للرد عليها وتتبع أسبابها، وعرض محاسن الاسلام ومزاياه، واجتاحت المجتمع الاسلامي موجة عنيفة من السخط والاستنكار والقلق، وكانت هذه الحوادث المقيمة المقعدة للمسلمين وكانت الحديث العام والشغل الشاغل للعامة فضلا عن الخاصة وأهل الغيرة الدينية، هذا ما اتسمت به حوادث الردة، على ندرتها وشذوذها وعلى عدم تأثيرها في الحياة.
ولكن جرب العالم الاسلامي في العهد الأخير ردة اكتسحت عالم الاسلام من أقصاه الى أقصاه، وبزت جميع