الطراز، وهولا يرتجى الا منكم، من مثل هذا الشباب المسلم، المؤمن الصادق الذي يوطن نفسه على الشظف والحياة البسيطة، ان من أمراض الأمة العربية، هذا التنعم والتبذير، والعادات القاهرة، لا يستطيع أحدهم أن يعيش من غير سيارة، وبيت فخم وراتب ضخم، ان هذه الأمراض قعدت بأمتنا، وهذا كان داء الرومان والفرس، فقد أسرفوا في المدنية والتنعم، يدل على ذلك أنه لما زحف المسلمون على المدائن وفتحوها، خرج "يزدجرد" يحمل معه ألف طاه وألف مرب للبزاة والصقور، ويقول: اني في حالة يرثى لها، أخذت هؤلاء فقط.
إلى هذا الحد وصلت مدنيتهم، ولذلك انهارت هذا الانهيار الفظيع، كان الذي يلبس قلنسوة قيمتها دون 50 ألف يعيَّر، وكانوا يلبسون مناطق بقيمة 30 الى 50 ألف، مرصعة بالجواهر والياقوت، فهذه المدنية الزائفة هي التي جنت عليهم، فخسروا الدولة والشرف، والمجد والحياة.
فيهئوا نفوسكم للجهاد والدعوة، واذا قلدتم أمانة، فأحسنوا القيام عليها، هذه وصيتي لكم، وربما لا تقيمون وزنا لها، ولكنكم ستذكرون ذلك في المستقبل، فستذكرون ما أقول لكم "وأفوض أمري الى الله".
ان الأزمة أزمة رجال، وأزمة إيمان وأخلاق، وإني أعيذ نفسي أن أؤمن بالفكرة القاصرة، القائلة بتغير الوضع، اذا تغيرت الحكومات والأحزاب، لقول الله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ..... } الى أن قال: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر} [الحج: 41].
انظروا كيف قدم ذكر هذه المحنة، التي خرجوا منها كما يخرج