وما يتصل بها من علوم وفلسفة، وحضارة وثقافة قد سرى فيها روح الكفر والجهل، وذلك ينطبق على كل أمة جاهلية حرمت هَدي الأنبياء وعلومهم، وبنت حياتها وعلومها ومدنيتها على دلالة الحواس أو على القياس أو التجارب، فعم الانكار لجميع هذا وكأنهم أعلنوا بهذا اللفظ أنهم ثائرون على هذا النظام الجاهلي برمته وحذافيره، جاحدون به كافرون بأصحابه، لا يؤمنون لهم بفضل ولا يخضعون لهم بشيء!
ثم لينظر القارئ ويعتبر كيف أن المسلمين وهم أتباع دين وأصحاب يقين، قد آمنوا بزعماء الجاهلية وأئمة الكفر ولو لم يؤمنوا بدينهم، ولكنهم آمنوا بهم بأوسع معاني الكلمة وقد اشترط الله للايمان به الكفر بالطاغوت وقدم عليه وقال: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى}.
أما إذا أصبح المسلمون لا يعنيهم أمر الدين والأخلاق، ولا يهمهم مصير الانسانية ومستقبل العالم، ولا تهمهم الا المصالح السياسية والفوائد المادية الحاضرة التي تعود على بلادهم أو شعبهم، وبالأصح على أشخاصهم، فحبلهم على غاربهم، وأمرهم بيدهم، ولكن ليعلموا أخيرا أن سفينة الجاهلية التي اختاروها لسفرهم قد أحيط بها،