أفكارهم، وأن تمنع من تمثيل الجاهلية في العالم، وأن ينزع منها سلطانها حتى لا تكون في دعوتها فتنة لمفتون، وحتى لا تنافس الدعوة الى الله دعوة، ولا ينازع في الدنيا عاملان يتجاذبان النفوس والعقول الى جهتين مختلفتين، {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}.
ويعلم كل ذي بصيرة بل كل ذي بصر أن مجرد سيادة هذه الأمم، واستعلائها السياسي والمادي دعاية عظيمة لدينها، وحضارتها ومبادئها، ومناهج فكرها وأخلاقها، لا يقاومها منطق ولا استدلال، ولا حجة ولا برهان، ولا فلسفة ولا أخلاق، ولا تنجح ضدها دعوة الأديان، وإنها قد أصبحت بزخارفها مغناطيسا للقلوب، تنجذب اليها كما ينجذب الحديد.
هذه هي الحقيقة التي ذكرها موسى عليه الصلاة والسلام فيما حكى القرآن عنه في دعائه الذي دعا به في مصر على عهد فرعون، وهي حقيقة في كل عصر ومصر:
{ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا، ربنا ليضلوا عن سبيلك، ربنا اطمس على أموالهم، واشدد على قلوبهم، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم} [يونس: 88].