دولهم تقريبا، ومنوا بنوعين من العبودية السياسية والعقلية، وحيث أفلتوا من العبودية المادية لمي فلتوا من العبودية العلمية والخلقية.

ورزئوا في أخلاقهم التي أورثتهم اياها تعاليم الأنبياء، والمحاسن التي حافظوا عليها طوال هذه القرون: من صدق وأمانة، وشجاعة ووفاء، وعفة وطهارة، وكرم وتواضع، وتقوى الله في السر والعلانية، ومراقبة حدوده الى غير ذلك، مما يمتاز به اتباع الشرائع السماوية عن أهل الجاهلية، وتسلطت عليهم بتأثير الأمم الغربية العيوب الخلقية، والمخازي البشرية التي ورثتها أوربا من روما ويونان الوثنيتين، ومن قرونها المظلمة، ومن جاهليتها: كالنفاق والرياء، والغدر بالعهود، اذا دعت الى ذلك مصلحة، والشجع المادي والايمان بالقوة وحدها، والاحترام للمال والثروة وحدها، وتقديم المصالح والمنافع على الأخلاق والفضائل.

وما كانت رزيئة الانسانية في هذا الانتقال بهينة، فتزلزلت مباني الأخلاق والفضيلة في كل صقع وقطر، وحدثت ثورة على كل نظام قديم، وإن كان عدلا وحسنا، وعمت الفوضى في البيوتات والأسر، وتغير الولد للوالد وعقه، وتركت المرأة بعلها وثارت عليه، وانحلت عقد الأرحام، ولم يعد الصغير يوقر الكبير، ولم يعد الكبير يرحم الصغير، وتعوضت القلوب من الألفة والمحبة الجفاء والبغضاء، وكثر التنافس في الحياة الدنيا وفي الرقي المادي، وفي أسباب الجاه والثروة، وتولدت من ذلك ثروة وآفات كدرت صفو الحياة وأماتت القلب والروح، الى غير ذلك من الظواهر التي تشكو منها كل ديانة وكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015