واذا ضمت الى هذه الحكومات المعدودة بالمئات حكومة جديدة لا تختلف عن اخواتها الا أنها يرأسها مسلم أو يديرها عدد من المسلمين، لم تكن بدعا ولم تكن شيئا طريفا ينوه به أو يشار اليه بالبنان، أو تعقد به الآمال، فان هنالك حكومات تفوق هذه الحكومة عشرات من المرات في طول مساحتها وضخامة ميزانيتها، وكثرة انتاجها واصدارها، وفي جيشها وأساطيلها وبوارجها الحربية وعدد الطائرات، وكثرة المصانع ورقي الصناعة والتجارة، واحتفال المدنية والحضارة، وحسن الادارة وانتشار العلم في طبقات الشعب وقلة الامية، الى غير ذلك مما تمتاز به الحكومات الاوربية.
ان قيام دولة للمسلمين في بقعة من بقاع الارض فرصة سعيدة نادرة لا تسنح في كل حين، ومثل هذه الفرص - كما يعرف المطلع على السنن الالهية وعلى تاريخ الاديان والدعوات الاصلاحية - قد تسنح بعد قرون، وتكون من فلتات الدهر، وفي قصرها كوميض البرق في ليلة مظلمة، وتكون امتحانا عظيما لرجالها، كيف يستخدمون هذه الفرصة لدعوتهم ومبادئهم الدينية على حساب مصالحهم الذاتية، وراحتهم ولذائذهم، فاذا انتهزوا هذه الفرصة وعرفوا قيمة الوقت، وأحسنوا تمثيل هذه العقيدة والدين الذي ينتسبون اليه وحسن ظن الناس بهم، وصدقوهم في ما يقولون فقد خدموا دينهم وأنفسهم خدمة باهرة، وان كان غير ذلك فأساءوا استعمالها واستغلوها لمصالحهم الشخصية على حساب الدعوة الدينية، ورجالها المخلصين وجهودهم في سبيل نشر هذه الدعوة، وقيام هذه الحكومة، كما فعلت الدولة الاموية