فقول ابن الحاجب "ولو أمكن اعتبارها جاز على الأصح، صريح في أن الراجح عنده اعتبار التعليل بالحكمة إذا كانت ظاهرة منضبطة، وأن عدم اعتبارها مرجوح، وأن المنع إنما هو في الخفية المضطربة كما أوضحه العضد.
المذهب الثاني: لا يجوز التعليل بالحكمة مطلقاً، ونسبه الآمدي للأكثرين1.
قال المطيعي2: "وظاهر ما في جمع الجوامع اختبار المنع مطلقاً، فإنه قال مع شرحه: ومن شروط الإلحاق بها أن تكون وصفاً ضابطاً لحكمة كالسفر في جواز القصر مثلاً، لا نفس الحكمة كالمشقة في السفر، لعدم انضباطها، وقيل يجوز أن انضبطت لانتفاء المحذور"3.
المذهب الثالث: وهو اختيار الآمدي أنه يجوز التعليل بالحكمة الظاهرة المنضبطة بنفسها، أما الخفية المضطربة، فلا يجوز التعليل بها4.
دليل أهل المذهب الأول:
استدل أهل المذهب الأول على ما ذهبوا إليه بأنه إذا جاز التعليل بالوصف، فأولى أن يجوز التعليل بالحكمة، لأنها هي مقصود الشارع من شرع الحكم، لأن جواز التعليل بالوصف إنما هو لأجل اشتماله على تلك الحكمة إذ هي نفس المصلحة، والمفسدة وحاجات الخلق، وهذا هو سبب ورود الشرائع، وحيث اتفق على التعليل بالوصف المناسب لاشتماله عليها، كان التعليل بها أولى من التعليل به، لأنها أصله، وأصل الشيء أولى بالاعتماد علية من فرعه5.