الثاني: أن العلة الشرعية لو اقتضت الحكم الشرعي لذاتها، لما صح أن يجتمع على الحكم الواحد علل مستقلة، لكنه قد يحصل أن يجتمع عليه علل، فلزم أن لا تقتضيه لذاتها.
بيان الملازمة: أن الحكم واجب الحصول بعلته المستقلة، فلا يمكن أن يوجد بغيرها، وإن حصل بغيرها لزم تحصيل الحاصل، أو انقلاب الأثر الواحد أثرين أو أكثر، وهو باطل. بيان ذلك ما إذا اجتمع على الحكم علتان فأكثر في وقت واحد، كما إذا مسّ ذكره من غير حائل، وخرج منه ريح في وقت واحد، أو ارتد وزنى وهو محصن في وقت واحد، فالحكم في الصورتين واحد، ولا يمكن أن يكون النقض والقتل بمجموعهما، وإلاّ كان كل منهما جزء علة، والمفروض أنه علة، ولا يمكن أن يكون لكل واحد منهما، وإلا لزم تحصيل الحاصل، أو انقلاب الأثر أثرين أو أكثر، وهو باطل1.
الثاني للغزالي: وهو أن العلة هي الوصف المؤثر بجعل الشارع لا لذاته2.
شرح التعريف:
فالوصف هو المعنى القائم بالغير، وهو جنس في التعريف يشمل سائر الأوصاف سواء كانت معتبرة أو ملغاة، أو كانت بمعنى المؤثر.
والمؤثر معناه الموجب لأن التأثير معناه الإيجاد، وهو قيد في التعريف يخرج العلامة، لأنه لا تأثير فيها، فلا تسمى علة ويجعل الشارع قيد احترز به عما يوهمه اللفظ من التأثير بالذات، ولذا قال: لا لذاته.
فمعنى التأثير في كلامه هو الربط والاستلزام العاديان بين الوصف والحكم، على معنى أن الله تعال أجرى عادته بأنه كلما وجد الوصف وجد معه الحكم، وكل منهما من قبل الله تعالى، فليس الحكم ناشئاً ذاتاً من الوصف ولا متولداً منه،