لأن الغزالي من أهل السنة الذين يشددون النكير على من يقول بالطبع والتوليد1، ويدل لذلك ما جاء في تعريفه للعلة في كتابه شفاء الغليل حيث قال: "والعلل الشرعية أمارات، والمناسب والمخيل لا يوجب الحكم بذاته، ولكن يصير موجباً بإيجاب الشرع، ونصبه إياه سبباً له، وتأثير الأسباب في اقتضاء الأحكام عرف شرعاً كما عرف كون مسّ الذكر وخروج الخارج من السبيلين مؤثراً في إيجاب الوضوء، وإن كان لا يناسبه، فكما عرف كون القتل والزنا والسرقة أسباباً لأحكامها إلى ما يناسبها"2.
الاعتراضات الواردة على هذا التعريف والإجابة عنها:
الاعتراض الأول: أنه يقتضي تأثير الحادث في القديم، لأن الزنا مثلاً فعل حادث وإيجاب الحد قديم؛ لأنه حكم، والحكم قديم، والحادث لا يؤثر في القديم، وإلا كان القديم متأخراً عن الحادث، أو مقارناً له، وذلك باطل.
وأجاب صاحب التوضيح3 عنه بأن الحكم المصطلح عليه هو أثر حكم الله تعالى القديم، فإن إيجاب الله قديم، والوجوب حادث، فالمراد بالمؤثر في الحكم ليس أنه مؤثر في الإيجاب القديم، بل في الوجوب الحادث، بمعنى أن الله تعالى رتب بالإيجاب القديم الوجوب على أمر حادث كالدلوك مثلاً، فالمراد كونه مؤثراً، أن الله تعالى حكم بوجوب ذلك الأثر بذلك الأمر كالقصاص بالقتل، والإحراق بالنار4.