والقضاء، ويدل لهذا ما جاء في مسلم الثبوت وشرحه، ونصه "وأعلم أن الكلام هنا في مقامين".
الأول: إن المفسدة تبطل المناسبة وتعدمها وبه قال قائلوا الانخرام، وهذا ضروري البطلان، إذ المفروض كونه مناسباً مشتملاً على مصلحة، ومع هذا مشتمل على مفسدة، والواقع لا يبطل.
الثاني: أن المفسدة توجب عدم اعتبار الشارع المناسبة معها، وهو مختار صاحب المحصول، وجمهور الشافعية.
واستدلوا بأن اعتبار مصلحة مع لزوم مفسدة أبعد من الحكيم كل البعد، وما ذكره المصنف لا يبطل هذا، بل الوافي به، أن مقتضى حكمة الحكيم أن لا يهدر ما هو الواقع، والواقع ههنا مصلحة ومفسدة، فللحكيم أن يوفي حقهما، إذ لا مانع، إذ المانع الذي يتخيل هو التضاد، والتضاد غير مانع لاختلاف الجهة، فافهم فإنه دقيق وبالتأمل حقيق.
ومن ههنا أي من أجل جواز اجتماعهما من جهتين صح النذر بصوم يوم العيد عند الحنفية، فإنه من جهة كونه صوماً منسوباً لله تعالى كاسراً للشهوة فيه مصلحة، فأثر فيه النذر فوجب به.
ومن جهة كونه إعراضاً عن ضيافة الله تعالى فيه مفسدة وهو حرام1، غير أنه يصح لقائل أن يقول: هل كل فعل فيه مصلحة ومفسدة مساوية أو راجحة يترتب عليه حكم المصلحة، وحكم المفسدة، حتى ولو كان الحكمان متنافيين، أو ذلك مشروط بما إذا أمكن اجتماع الفعلين، على الحكم الواحد؟
والظاهر أنه لا بد من إمكان اجتماع الحكمين2.
هذه هي مذاهب العلماء في هذه المسألة وأدلتها، فهل للخلاف فيها ثمرة؟
أما المذهب القائل ببطلان المناسبة، والثاني القائل بعدم بطلانها، فالظاهر