جلب المصالح، فلم يكن الترجيح بدون مرجح".

2 - "إنه قد تقرر في الشرع إثبات الأحكام المختلفة نظراً إلى الجهات المختلفة، مثل الصلاة في الدار المغصوبة، فإنها من حيث إنها صلاة سبب الثواب، ومن حيث إنها غصب سبب العقاب، والجهة المقتضية للثواب مشتملة على المصلحة، والجهة المقتضية للعقاب مشتملة على المفسدة ... وهذا الوجه مبني على قول الفقهاء الصلاة في الدار المغصوبة عبادة من وجه، ومعصية من وجه آخر"1 فكل من المصلحة والمفسدة هنا معتبر شرعاً، فلو كانت المصلحة تبطل بمعارضة المفسدة، لما صحت الصلاة، ورتب الثواب عليها.

واعترض على هذا بأنه خارج عن الموضوع، لأن الكلام في مصلحة ومفسدة لشيء واحد، أما مفسدة الغصب هنا فلم تنشأ عن الصلاة؛ لأن شغل المكان حرام عليه ويأثم به، ولو كان بغير الصلاة، كما أن مصلحة الصلاة غير ناشئة عن الغصب، إذ لو صلى في غير مكان الغصب لصحت صلاته وأثيب عليها2.

3 - "أن العقلاء يقولون في فعل معين، الإتيان به مصلحة في حقي لولا ما فيه من المفسدة الفلانية، ولولا صحة اجتماع وجهي المفسدة والمصلحة، لما صح هذا الكلام"3.

غير أن الآمدي اعترض على هذا بأن بقاء المصلحة لا يستلزم بقاء المناسبة إذ يقولون: "إن أردت أن مناسبة الوصف تنبني على أنه لا بد في المناسبة من المصلحة على وجه لا يستقل بالمناسبة فمسلم، ولكن لا يلزم من وجود بعض ما لابد منه في المناسبة تحقق المناسبة".

وإن أردت أنها مستقلة بتحقق المناسبة، فممنوع، ثم بين وجه المنع بقوله: "وذلك لأن المصلحة وإن كانت متحققة في نفسها، فالمناسبة أمر عرفي، وأهل العرف لا يعدون المصلحة المعارضة بالمفسدة المساوية أو الراجحة مناسبة. ولهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015