وجودها حقيقة، فغير مسلم، لأن المفروض وجود مفسدة معارضة للمصلحة، وإن أرادوا به عدم اعتبارها، فغاية ما يدل عليه الدليل حينئذ هو عدم اعتبار المناسبة، لعدم اعتبار المصلحة، لا لبطلانها، وهو خلاف المدعى1.
وما استند إليه من مثال البيع إنما يقتضي عدم ترتب الحكم، لا زوال المصلحة، والمناسبة بالكلية، وذلك متفق عليه كما سيأتي2.
المذهب الثاني: إنها لا تبطل، غير أنها لا تعتبر شرعاً، فلا يترتب عليها الحكم، واختاره الإمام الرازي وأتباعه ومنهم البيضاوي في المنهاج3.
استدل الإمام على ما ذهب إليه بأدلة كثيرة من أهمها:
1 - "أن المناسبتين المتعارضتين، إما أن تكونا: متساويتين، أو إحداهما أرجح من الأخرى، فإن كان الأول، لم يكن بطلان إحداهما بالأخرى، - أولى من العكس: فإما أن تبطل كل واحدة منهما بالأخرى - وهو محال؛ لأن المقتضى لعدم كل واحدة منهما وجود الأخرى، والعلة لا بد أن تكون حاصلة مع المعلول، فلو كان كل واحدة منهما مؤثرة في عدم الأخرى، لزم أن تكونا موجودتين حال كونهما معدومتين، وذلك محال.
وإما أن لا تبطل إحداهما بالأخرى - عند التعارض - وذلك هو المطلوب.
وأما إن كانت إحدى المناسبتين - أقوى، فها هنا لا يلزم التفاسد أيضاً، لأنه لو لزم التفاسد لكان لما بينهما من المنافاة، لكنا بينا في القسم الأول أنه لا منافاة بينهما، لأنهما اجتمعتا، وإذا زالت المنافاة لم يلزم من وجود إحداهما عدم الأخرى4.
لكن يرد عليه أن بطلان المصلحة هنا راجح، لأن درء المفاسد مقدم على