عندهما، وهي حفظ النفس، وحفظ المال متعلقة بالدنيا"1.
الثالث: ينقسم المناسب الحقيقي الدنيوي باعتبار المقصود منه إلى: ضروري، وحاجي وتحسيني.
فأما الضروري فهو الذي "لا بد منه في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقد لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد، وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين"2.
وهو في أصله منحصر في المقاصد الخمسة التي هي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسب والمال، فإن الشرائع لم تختلف في حفظها، بل أطبقت على حفظها، لكونها من المهمات التي ارتبط بها نظام العالم بحيث أن النوع الإنساني لم يبق مستقيم الأحوال بدونها.
فالدين محفوظ بالجهاد، والقتل بالردة، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ} 3، وفي الحديث: "من بدل دينه فاقتلوه" 4.
والنفس محفوظة بشرعية القصاص، كما نبه عليه تعالى بقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} 5، فإنه لولا ذلك لتهارج الخلق، واختل نظام المصالح.
والعقل محفوظ بشرعية الحد على شرب المسكر، لأن العقل آلة الفهم، وحامل الأمانة، ومحل الخطاب والتكليف، وقد نبه الله على فساد الخمر بقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} 6.