والنسب محفوظ بتحريم الزنا، وإيجاب الحد عليه، لأن المزاحمة على الأبضاع تفضي إلى اختلاط الأنساب المؤدي إلى انقطاع التعهد عن الأولاد، وفيه التوثب على الفروج بالتعدي والتغلب، وهو مجلبة الفساد والتقاتل.
والمال محفوظ بإيجاب الضمان على المتعدي عليه، والقطع بالسرقة، وحدِّ المحاربين نظراً إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} 1، لأنه قوام العيش2.
قال ابن أمير الحاج: "وتسمى هذه بالكليات3 الخمس، وكل منها دون ما قبله، وحصر المقاصد في هذه ثابت بالنظر إلى الواقع، وعادات الملل والشرائع بالاستقراء"4.
قال الزركشي: "هذا ما أطبق عليه الأصوليون، وهو لا يخلو عن نزاع، فدعواهم إطباق الشرائع ممنوع "لما يأتي":
1 - أنه مبني على أنه ما خلا شرع من استصلاح، وفيه خلاف في الكلام على أن الحكم لا بد له من علة، والأقرب فيه الوقف"5.
وأجاب عنه صاحب نبراس العقول بأن الخلاف إنما هو بالنظر إلى الجواز العقلي، لا بالنظر إلى الواقع، لأن الشرائع السابقة كما ظهر لنا مجملها من نصوص الكتاب المبين قد روعيت فيها مصالح العباد بالنظر لذلك الوقت، قال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} 6.